[the_ad id="40345"]
قصص وعبر

قصص وعبر بعنوان حسن الظن بالله وتغيير الأقدار

إن حسن الظن بالله من العبادات الجليلة التي ينبغي أن يملأ المؤمن بها قلبه في جميع أحواله ويتعامل بها في حياته، في هدايته، في رزقه، في صلاح ذريته، في إجابة دعائه، في مغفرة ذنبه ، في كل شيء.

يقول ابن مسعود رضي الله عنه: “والذي لا إله غيره ما أعطي عبد مؤمن شيئا خيرا من حسن الظن بالله تعالى، والذي لا إله غيره لا يحسن عبد بالله الظن إلا أعطاه الله عز وجل ظنه، ذلك بأن الخير في يده “.

القصــــــــــــــــــــــــة:

شعرت بألم شديد باليوم التالي لعقد قرانها، تحملت الألم على أمل أن ينتهي من تلقاء نفسه ولكنه اشتد عليها واصفر وجهها وذبل جسدها وكلها في ساعات قلائل، فذهبت برفقة أمها للطبيبة لتطمئن على نفسها، ولكنها وجدت من أمرها مل قصم ظهرها نصفين، لقد أبلغتها الطبيبة أن سبب الألم الغير محتمل الذي تلاقيه أن رحمها يكاد يكون مشقوق نصفين، وأنها لن تحمل نهائيا!

من هول ما وجدت سقطت على الأرض، عجزت قدميها عن حملها، فكيف يمكنها أن تدرك ما قيل لها وزفافها في غضون أسابيع قليلة؟!

استعادت وعيها وتمالكت نفسها قدر المستطاع، كانت تتحدث إليها أمها ولكنها لم تدرك حرف واحد خرج منها، كل ما كان يجول بخاطرها الآن كيف ستخبر زوجها بذلك؟!، وماهية ردة فعله؟!

أخرجت الهاتف واتصلت عليه، وبعد أكثر من محاولة للوصول إليه رد عليها، أخبرته بكل شيء دون مقدمات وبلا تردد، أرادت أن تزيح من على قلبها هما آخر يكفيها ما أصابها من لحظات، وعلى الرغم من ذلك إلا إنها لم تتوقع ردة فعله نهائيا، لقد رد عليها بجملة واحدة ولم يزد عنها حرف واحد: “أنا لن أكمل حياتي معكِ”!

أغلق الهاتف في وجهها، لم تدرك ما فعله بها وبقلبها، اعتقدت أنه يمزح معها كحالهما سويا على الدوام، فانتظرت اتصال منه يوضح شيئا، انتظرت منه رسالة واحدة يلح عليها لتبعث بصورتها بثوب الزفاف الأبيض ولكنه لم يفعل، وبصباح اليوم التالي كانت القاصمة بالنسبة إليها، لقد بعث إليها بورقة طلاقها، لم تتحمل أكثر من ذلك فسقطت على الأرض مغشيا عليها.

وعندما استعادت وعيها وجدت نفسها في حضن أمها والدموع تسيل من عينيها، فانهارت الفتاة من شدة البكاء وقالت بحروف متباعدة من شدة البكاء وحر قلبها: “لقد تركني يا أمي وأنا في أمس حاجتي إليه، ليته لم يفعل”.

فهدأت والدتها قلبها بأجمل الكلمات وأطيبها قائلة: “لا بأس يا حبيبة قلب أمكِ، كلما جاءتنا الخيبات باكرا كلما كان ترميمها أيسر، لقد نظر لأسباب الدنيا ولم ينظر لقوة رب الأسباب”.

فسألتها ابنتها والدموع في عينيها: “وهل كان يجب علي أن أفعل شيئا آخر غير الذي فعلته أماه؟!”

فقالت لها أمها وهي تربت على كتفها: “لا يا بنيتي، إن الأمر كله بيد الله وحده، فهل لنا من أمرنا شيء؟!”

فبكت الفتاة وقالت بصوت مختنق: “ولكني أحبه يا أمي”.

فقالت لها أمها وقد بدا الحزن على ملامحها: “ولكن الله يعلم من هو أصلح بحبكِ”.

فسألتها بقلب كسير: “وموعد الزفاف يا أمي؟!”

فقالت لها أمها بصوت يملأه الحنان: “اصبري يا حبيبة قلبي واحتسبي فمن للصبر غيرك؟!”

لم تقصر معها والدتها، وشرعت الفتاة في علاجها وتحسنت حالتها ولكن يبقى أمر الحمل والإنجاب بعيد المنال، مر عام على محنتها وتقدم للزواج بها شاب ذو خلق ودين، رفضته ورفضت الزواج بشكل عام خشية أن يكسر قلبها ثانية، أصر الشاب وتقدم للمرة الثانية، فرضيت بالجلوس معه بالرؤية الشرعية، وأول كلماتها صارحته بحالتها، ولكن إجابته كانت تفوق حد الخيال لديها حيث قال: “وما ضير لو أننا توكلنا على الله الذي يمنح ويمنع؟!”

فسألته مستنكرة: “ولماذا لا تتزوج من البداية بصحيحة ليست عليلة مثلي؟!”

صمت الشاب إذ شعر بمدى المرارة التي بقلبها، فقالت الفتاة: “كيف لعاقل مثلك أن يتزوج بعاقر مثلي؟!، إنني أعلمك بأنني لن أستطيع الإنجاب”!

قال الشاب: “أتقصدين كيف لعاقل مثلي أن يأخذ بأسباب البشر ويغض الطرف عن مسبب الأسباب؟!، فوالله الذي أعطى زكريا يحيى سيؤتينا من فضله”.

وافقت الفتاة على الزواج به لما رأت من شخصيته المعطرة بالتقوى والإيمان بالله سبحانه وتعالى، حدد موعد الخطبة ومن ثم الزواج، عاشت بصحبته أجمل أيام حياتها، وبعد انقضاء ثلاثة أعوام على زواجهما حملت بطفلها الأول أشرقت الأرض بأكملها من حولها، شعرت بسعادة غامرة لو وزعت على أهل الأرض أجمعين لوسعتهم وفاضت أيضا، وطوال شهور الحمل الأوائل كانت تذهب مع زوجها وتنتقي وتختار أجمل الثياب لمولودهما، تسأله في أدق التفاصيل أيهما أجمل هذا أم ذاك؟!، تسأله هل سيكون ولدا أم فتاة؟! هل سيشبهك أنت أم سيشبهني أنا أكثر؟!

ولكن الحياة لا تزهر على الدوام، تصحو ذات ليلة على مصيبة مزقت قلبها ومزعته، لقد فقدت جنينها، لم يستمر الحمل ولم يحتفظ رحمها المنشق بجنينها، لم يستمر حملها أكثر من ستة أشهر برحمها، لقد توفي الجنين!

كانت حالتها النفسية أصعب بمراحل من حالتها الجسدية والتي في الأساس متهالكة، وما إن استفاقت من مرضها سألت زوجها: “ألم أخبرك بحالتي من البداية؟!”

ابتسم في وجهها ابتسامة هادئة عامرة بالحنان وقال لها: “ألم يقل لكِ ربكِ في سورة النحل (وَلَئِن صَبَرْتُمْ لَهُوَ خَيْرٌ لِّلصَّابِرِينَ)”.

صبرت الزوجة واحتسبت لله سبحانه وتعالى، وعهدت إلى قيام الليل فكانت تلاحظ زوجها على الدوام لا يتركه، على الدوام يناجي ربه ليرزق زوجته التي تشتاق لطفل، علمت الفتاة أن الله رزقها بزوج صالح يأخذ بيدها لطريقه سبحانه وتعالى، فصبرت برضا ويقين بخالقها، وفجأة شعرت ببعض التعب فذهبت لتطمئن على نفسها، وإذا بها تفاجئ بحملها في ثلاثة تواءم، كمل حملها للنهاية وأوتيت من فضل الله ولدين وفتاة كانوا في غاية الجمال.

اقرأ أيضا مزيدا من قصص وعبر من خلال: 3 قصص وعبر ملهمة بتجارب مختلفة

وأيضا/ 3 قصص وعبر ذات دروس قيمة للغاية

قصص وعبر بعنوان سر السعادة في الرضا

ريم إبراهيم

أعمل ككتابة محتوي مختص في القصص في موقع قصص واقعية منذ 5 اعوام وشاركت بأكثر من 1500 قصة علي مدار سنين عملي.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى