[the_ad id="40345"]
قصص وعبر

قصص وعبر قيمة من الحياة

أيها السادة…

إن من أعظم القراءات التي من الممكن أن تظفر بها قراءة قصص وعبر لما تحويه كل قصة من عبر وعظات قيمة تفيدك بشكل أسرع.

كل قصة واحدة من ضمن سلاسل قصص وعبر بها خلاصة تجارب آخرين، وربما كانت عصارة حياته بأكملها تجسدت بموقف واحد ظهر أمامك في بضعة كلمات تقرأها وتأخذ الفائدة والعبرة منها.

القصــــــــــــــــــــة الأولى:

دون في تجربة علمية أنه وضع ضفدع في قدر مملوء بالمياه على النار، وما لاحظه العلماء أنه كلما كانت تزداد سخونة الماء كان الضفدع يعدل من درجة حرارة جسده، فتصبح المياه مرتفعة الحرارة بالنسبة إليه عادية ومقبولة، ولازال يعدل من درجة حرارة جسده ليتقبل المياه الساخنة حتى وصلت المياه لدرجة الغليان، وكانت النتيجة أن مات الضفدع.

قام العلماء القائمين على التجربة بدراسة سلوك الضفدع والذي بات يعدل من درجة حرارة جسده حتى فقد حياته، العجيب أن العلماء من البداية تركوا الإناء مفتوحا من الأساس، الإناء الذي وضعوا بداخله الضفدع، وعلى الرغم من ذلك إلا أن الضفدع لم يحاول أن يقفز ويخرج من الإناء في محاولة منه للنجاة بحياته، بل آثر أن يبقى بالقدر ويعدل من نفسه ليتناسب مع وسط القدر حتى وصلت الماء للغليان فمات!

وما استنتجه العلماء هو أن الضفدع بذل كل طاقته في معادلة درجة حرارة جسده ومحاولته في التأقلم مع المناخ من حوله على الرغم من صعوبة ذلك عليه حتى وصل درجة الحرارة للغليان حينها لم يتبقى لديه طاقة للتأقلم حتى أنه لم يتبقى لديه طاقة لإنقاذ نفسه من الأساس.

لم يقتل الضفدع الماء المغلي، وما قتله في الحقيقة مدى إصراره على تكيف نفسه وتقبله لمناخ صعب التعايش معه لحد أفقده كل طاقته اللازمة للفرار بحياته.

العبـــــــرة من القصـــــــــــــــــة:

حينما تكون في حياتنا علاقة أي نوع من العلاقات الإنسانية مهما اختلفت في نوعها وجوهرها، ولم تكن تنعم بالراحة النفسية خلالها وتجد نفسك تحاول وتحاول جاهدا التأقلم وتبذل كامل طاقتك في تقبلها، تستنفذ كامل طاقتك الجسدية والنفسية والعقلية والعصبية أيضا، حينها ستفقد نفسك!

إياك أن تستنفذ كامل طاقتك في التأقلم، اعلم الوقت المثالي لقفزك وإنقاذ ما تبقى منك ومن حياتك.

اقرأ أيضا: قصص وعبر صدقا من أجمل ما ستقرأ يوما!

القصــــــــــــــــــــــــــة الثانيــــــــــــــــــــة:

جاء في تراثنا النفيس أن حجاج بن يوسف الثقفي تزوج من امرأة يقال لها “هند”، وكان زواجه منها رغما عنها ورغما عن أبيها أيضا، وبيوم من الأيام وبعد انقضاء عام على زواجها به سمعها الحجاج وهي جالسة أمام المرآة تناظر نفسها وتقول: (وما هند إلا مهرة عربية سليلة أفراس تحللها بغل!

فإن ولدت مهر فلله درها، وإن ولدت بغل فقد جاء به البغل!)

غضب الحجاج غضبا شديدا فأرسل إلى خادمه وقال له بغضب بلغ مبلغه: “اذهب إليها وأبلغها بأني قد طلقتها، أبلغها ذلك في كلمتين اثنتين وإن زدت عليهما الثالثة قطعت لسانك، وأعطها هذه العشرين ألف دينارا”.

وبالفعل ذهب إليها الخادم وقال لها جملة واحدة: “كنتِ فنتِ”!

والمعنى لهاتين الكلمتين كنتِ أي كنتِ متزوجة، أما فبنتِ بمعنى أنكِ أصبحتِ مطلقة!

أما عن “هند” فكانت أبلغ منه لسانا وأكثر فصاحة فقالت له: “كنا فما فرحنا، فبنا فما حزنا”!

وأعطته العشرين ألف دينارا التي أعطاها إياه الحجاج وقالت له: “خذ هذه العشرين ألف دينارا لك، بالبشرى التي جئت بها”.

وورد في الخبر أنه لم يجرؤ أحد على التقدم للزواج بها، أما عنها فلم تقبل بمن هو أقل من حجاج بن يوسف الثقفي، وبيوم أعطت بعض الشعراء كثير من المال ليمتدحوها أمام “عبد الملك بن مروان”، وبالفعل امتدحوها أمامه لدرجة أنه أعجب بها وطلب الزواج منها، وقبلها أرسل إلى عامل له بالحجاز ليصفها له، فأرسل إليه يقول أنه لا عيب فيها.

ولما خطبها “عبد الملك بن مروان” أرسلت إليه بكتاب كتبت فيه: “إن الإناء قد ولغ فيه الكلب”!

ففهم قصدها وأرسل إليها بكتاب: “اغسليه سبعا إحداهن بالتراب”، أرسلت إليه برسالة أخرى: “أوافق وكن بشرط، ألا يسوق بعيري من مكاني هذا إليك ببغداد إلا الحجاج نفسه”، وافق الخليفة على شرطها، وأمر الحجاج بذلك!

وبينما كانت العروس في موكب زفافها والذي يقوده “الحجاج بن يوسف الثقفي” تعمدت أن توقع دينارا من يدها أرضا، كما أنها تعمدت أن تقول للحجاج: “يا غلام لقد وقع مني درهما فألتقطه لي”!

فالتقطه الحجاج وقال لها: “ولكنه دينارا وليس درهما”!

فنظرت إليه وقالت “هند”: “الحمد لله الذي أبدلني بدل الدرهم دينارا”!

ففهمها الحجاج وأسرها في نفسه ولم يبدها لها، فهم أن الله سبحانه وتعالى أبدلها بدلا منه الخليفة “عبد الملك بن مروان” أي أنها تزوجت من هو أفضل وخيرا منه؛ وما إن وصلوا جميعا لقصر الخليفة تأخر الحجاج في الإسطبل وكان الناس حينها يتجهزون للوليمة، فأرسل الخليفة في طلب الحجاج ولكنه رد عليه قائلا: “لقد ربتني أمي على ألا آكل ما تبقى من الرجال”!

فطن الخليفة “عبد الملك بن مروان” لقصد الحجاج، فأمر رجاله أن تدخل عروسه بأحد القصور ولم يقربها غير أنه كان يأتيها في زيارة كل يوم بعد صلاة العصر، ولم يهدأ لها بالا إلا حينما علمت سبب انقطاعه عنها وعدم دخوله بها، ولم تقف مكتوفة الأيدي فاحتالت لذلك الأمر.

أمرت إحدى الجواري أن تخبرها فور وصول الخليفة، وكانت قد أرسلت إليه أنها تحتاج إليه في أمر طارئ للغاية، وما إن وصل للقصر تعمدت قطع عقدها المصنوع من اللؤلؤ، ورفعت ثوبها لتجمع فيه حبات اللؤلؤ، وما إن رآها الملك “عبد الملك بن مروان” أثارته مدى روعتها وحسن جمالها وشعر بالندم البالغ حينما قرر عدم الدخول بها لكلمة الحجاج بن يوسف الثقفي، قالت “هند” وهي تنظم حبات اللؤلؤ: “سبحان الله”!

فقال “عبد الملك بن مروان” متعجبا منها: (لم تسبحين الله؟!)

فقالت له: “إن هذا اللؤلؤ خلقه الله لزينة الملوك، ولكن شاءت حكمته ألا يستطيع ثقبه إلا الغجر”.

وإذا بالخليفة تتهلل أساريره ويقول لها: “والله صدقتِ”، كان قد فهم قصدها، وقال في نفسه: “قبح الله من لامني فيكِ”، ودخل بها.

واقرأ أيضا: قصص وعبر بعنوان لا شيء يؤلم كدموع القهر!

وأيضا/ قصص وعبر تلمس عاصرنا الأليم

ريم إبراهيم

أعمل ككتابة محتوي مختص في القصص في موقع قصص واقعية منذ 5 اعوام وشاركت بأكثر من 1500 قصة علي مدار سنين عملي.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى